إذا كنت ممن سمحت لهن الظروف بزيارة باريس في الأشهر الأخيرة، وقمت بجولة بشارع الموضة، سانت هونوريه، فلا بد ان تكون واجهة محل «لانفان» قد استوقفتك، ولو قليلا.
ففي وسطها خصصت مساحة لا يستهان بها لعرض الفستان الاصفر (الذي تلبسه العارضة في الصفحة)، وتحته مضخة هوائية تشتغل على مدار الساعة لتجعله يتطاير بشكل يبرز جمال طبقاته وفنية تصميمه وسخاء مصممه البير البيز، بكمية القماش المستعمل فيه.
لكن إلى جانب التصميم وذكاء فكرة العرض، لا بد وان يكون لونه الأصفر قد استوقفك ايضا، فهو جريء ودرامي ومفعم بالانوثة، والأهم من هذا كله يصرخ بصوت عال انه قوي هذا الموسم وبأن قوته ستزيد خلال الصيف. فكما تعلمين، للألوان أيضا دورتها في عالم الموضة، وكلما ألممت بها، كنت على خطاها، ففي الموسم الماضي، مثلا، كان اللون الارجواني وقبله كانت الألوان المعدنية، وفي هذا الصيف سيجمل الأصفر بكل درجاته، خزاناتك.
نعم بكل درجاته، بما فيها الفاقعة، فرغم ما قد يثيره الأمر من مخاوف أو حذر لدى المرأة الهادئة التي تتجنب إثارة الانتباه فقط للاستعراض، إلا انها لن تستطيع مقاومته طويلا، لأنه ببساطة لون يشيع الفرح والحيوية من الناحية النفسية، والكثير من الرونق والجاذبية من الناحية الجمالية، خاصة على ذوات البشرة السمراء.
وقد صدق الرسام كاندينسكي، عندما وصفه بأنه من أكثر الألوان أرضية، فهو يتسلل إلينا منذ الصباح من خلال أشعة الشمس، ويطالعنا من خلال سنابل الحقول والزعفران والبابايا والليمون وهلمجرا.
ومع الوقت اصبح ايضا لون الامل والتفاؤل والصبر، لذلك اصبح رمز الحملة السنوية للتوعية ببعض أمراض السرطان. والحقيقة أنه لون لا يلهم الفنانين فحسب، فحتى المصممين اعادوا اكتشافه في السنوات الأخيرة في رحلة بحثهم عن تقنيات فنية جديدة تجعل تصميماتهم اهلا بالمتاحف.
وبين عطشهم للتميز ورغبتهم في إرضاء السوق، اكتشفوا أيضا انه لون، إذا تم مزجه بذكاء واختيار الدرجات المناسبة منه، لا يؤثر في أمزجتنا والطريقة التي نستهل بها يومنا فحسب، بل يمكن ان يغير من مظهرنا بشكل كبير. فجرعة بسيطة منه، سواء كانت على شكل سوار او حقيبة يد أو ايشارب، يمكن ان «تشد» أي زي وتمنحه الكثير من الحيوية.